«النقض» توضح متى تقع المسئولية الجنائية والمدنية على الطبيب

«النقض» توضح متى تقع المسئولية الجنائية والمدنية على الطبيب

المسئولية الجنائية والمدنية على الطبيب

تلعب مهنة الطب دورًا حيويًا في المجتمع، ولكنها تحمل في طياتها مسؤولية كبيرة. فكل قرار يتخذه الطبيب، وكل إجراء يقوم به، يمكن أن يكون له تأثير مباشر على حياة وصحة المرضى. ولهذا، وضعت القوانين والتشريعات ضوابط صارمة لضمان التزام الأطباء بأعلى معايير الرعاية والدقة. وفي هذا السياق، أوضحت محكمة النقض المصرية في حكمها بالطعن رقم 31881 لسنة 69 القضائية مبدأً جوهريًا يحدد متى تقع المسؤولية الجنائية والمدنية على الطبيب.

 

مشروعية عمل الطبيب بشروط

 

أكدت محكمة النقض أن مشروعية عمل الطبيب مشروطة بأن يكون ما يجريه مطابقًا للأصول الفنية المقررة. وهذا يعني أن عمل الطبيب، وإن كان في الأساس عملًا مشروعًا ومقبولًا، يصبح كذلك فقط عندما يلتزم الطبيب بالمعايير المهنية والعلمية المعترف بها في مجاله. الأصول الفنية المقررة هي تلك المبادئ والإرشادات التي يتفق عليها المختصون في كل فرع من فروع الطب، والتي تضمن جودة الرعاية وسلامة الإجراءات الطبية. تشمل هذه الأصول كل شيء، بدءًا من التشخيص الدقيق، مرورًا بوصف العلاج المناسب، وصولًا إلى تنفيذ العمليات الجراحية والإجراءات الطبية الأخرى.

 

متى تقع المسؤولية على الطبيب؟

 

تتضح المسؤولية الجنائية والمدنية على الطبيب متى توافرت شروط معينة تتعلق بإخلاله بهذه الأصول الفنية. وقد بينت محكمة النقض بوضوح أن:

  • الإخلال باتباع الأصول أو مخالفتها: إذا أهمل الطبيب في اتباع هذه الأصول، أو تعمد مخالفتها، فإنه يعرض نفسه للمساءلة. الإهمال قد يكون في عدم إجراء الفحوصات اللازمة، أو عدم استشارة المختصين عند الحاجة، أو عدم متابعة حالة المريض بالشكل الكافي. أما المخالفة فتكون بتعمد ارتكاب خطأ مهني أو القيام بإجراء غير صحيح يتعارض مع الأصول الطبية.
  • توافر الضرر: الشرط الأساسي لقيام المسؤولية، سواء كانت جنائية أو مدنية، هو توافر الضرر. فالمسؤولية لا تنشأ لمجرد الخطأ المهني، بل يجب أن يكون هذا الخطأ قد تسبب في ضرر مادي أو معنوي للمريض. هذا الضرر قد يكون جسديًا، مثل تفاقم المرض أو حدوث عاهة، أو قد يكون نفسيًا، أو حتى ماليًا بسبب تكاليف العلاج الإضافية التي ترتبت على الخطأ.

المسؤولية الجنائية والمدنية

  • المسؤولية الجنائية: تقع عندما يكون الخطأ الطبي جسيمًا ويشكل جريمة يعاقب عليها القانون، مثل الإهمال الجسيم الذي يؤدي إلى الوفاة أو الإصابة بعاهة مستديمة. في هذه الحالات، يمكن أن يتعرض الطبيب لعقوبات سالبة للحرية أو غرامات مالية.
  • المسؤولية المدنية: تنشأ عندما يتسبب الخطأ الطبي في ضرر للمريض يستوجب تعويضًا ماليًا. وتهدف هذه المسؤولية إلى جبر الضرر الذي لحق بالمريض، حيث يحق للمريض المطالبة بتعويض عن الأضرار المادية والمعنوية التي تعرض لها نتيجة إهمال أو خطأ الطبيب.

باختصار، حكم محكمة النقض هذا يؤكد على أن مهنة الطب، رغم نبلها، ليست بمنأى عن المساءلة. فالمسؤولية تقع على الطبيب متى خرج عن إطار الأصول الفنية المقررة، وتسبب إهماله أو مخالفته لهذه الأصول في ضرر للمريض. وهذا يعزز من حماية حقوق المرضى، ويضمن التزام الأطباء بأعلى مستويات المهنية والدقة في عملهم.

تواصل معنا
Please enable JavaScript in your browser to complete this form.

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *