Call us now:
جنحة امتناع عن تسليم ميراث الشرعي وكيف حققنا البراءة فيها ؟
جنحة امتناع عن تسليم ميراث الشرعي وكيف حققنا البراءة فيها ؟

دراسة تطبيقية من واقع محكمة المعادي والبساتين وتفاصيل القضية كاملة
تُعد جنحة الامتناع عن تسليم الميراث الشرعي من أكثر القضايا التي يُساء استخدامها، خاصة في النزاعات الأسرية عقب الوفاة، حيث تتحول الخلافات المدنية حول التركة إلى بلاغات جنائية تفتقر في كثير من الأحيان إلى أركان الجريمة.
وفي هذه المقالة نستعرض نموذجًا عمليًا لحكم بالبراءة، يوضح الفارق الجوهري بين الخلاف المدني والجريمة الجنائية، وكيف تعاملت المحكمة مع الدعوى وصولًا إلى الحكم العادل.
أولًا: وقائع الدعوى
تتلخص وقائع القضية في أن موكلتنا – زوجة المتوفى – فوجئت بإقامة جنحة امتناع عن تسليم الميراث ضدها من قِبل أشقاء زوجها، أمام محكمة جنح البساتين الجزئية، بدعوى أنها امتنعت عن تسليمهم نصيبهم الشرعي من تركة شقيقهم.
والحقيقة أن موكلتنا لم تكن طرفًا في أي نزاع سابق، ولم تستولِ على أي أموال، وإنما وجدت نفسها متورطة في خصومة جنائية نتيجة خلافات أسرية بحتة.
ثانيًا: الدفوع القانونية المقدمة
قمنا بإعداد مذكرة دفاع وقدمناها إلى المحكمة، ارتكزت على محورين أساسيين:
الدفع بانتفاء أركان جريمة الامتناع عن تسليم الميراث
أوضحنا للمحكمة أن جريمة الامتناع عن تسليم الميراث لا تقوم إلا بتوافر:
-
الفعل المادي: وهو ثبوت استيلاء المتهم على أموال التركة أو حيازته لها.
-
القصد الجنائي: أي نية الامتناع العمدي عن التسليم مع العلم بحق الغير.
وأكدنا أن أوراق الدعوى خلت تمامًا من أي دليل على:
-
استيلاء موكلتنا على التركة،
-
أو حيازتها لأموال معينة،
-
أو صدور أي فعل إيجابي أو سلبي يُعد امتناعًا.
الطلب الاحتياطي بوقف الدعوى الجنائية
احتياطيًا، قمنا بطلب :
وقف الدعوى الجنائية لحين الفصل في دعوى الفرز والتجنيب
وذلك لوجود نزاع مدني جدي حول تحديد عناصر التركة ونصيب كل وارث، وهو ما يجعل اللجوء إلى الجنحة سابقًا لأوانه، ويُفقدها سندها القانوني.
ثالثًا: إحالة الدعوى إلى خبير
استجابت المحكمة لطلبات الدفاع، وقررت إحالة الدعوى إلى خبير مختص لبحث:
-
طبيعة التركة،
-
حيازة الأموال إن وجدت،
-
مدى استيلاء المتهمة من عدمه،
-
وجود فعل مادي للامتناع.
- وامور اخري متعلقة بالدعوى
رابعًا: تقرير الخبير
جاء تقرير الخبير قاطعًا وواضحًا، حيث انتهى إلى:
-
عدم وجود أي فعل مادي يشكل جريمة امتناع عن تسليم الميراث،
-
خلو الأوراق من أي دليل على الاستيلاء،
-
انتفاء القصد الجنائي،
-
وأن المتهمة لم تستولِ على أي مال من أموال التركة.
خامسًا: الحكم
وبعد الاطلاع على أوراق الدعوى، ومذكرة الدفاع، وتقرير الخبير، أصدرت المحكمة حكمها بـ:
براءة المتهمة من التهمة المنسوبة إليها،
ورفض الدعوى المدنية،
وذلك تأسيسًا على انتفاء أركان الجريمة.
سادسًا: دلالات الحكم وأهميته
هذا الحكم يرسخ عدة مبادئ مهمة، أبرزها:
-
لا جريمة بلا فعل مادي ثابت.
-
الخلاف على التركة لا يُجرّم بذاته.
-
دعوى الامتناع عن تسليم الميراث لا تقوم إلا بعد تحديد التركة ونصيب كل وارث.
-
القصد الجنائي عنصر جوهري لا يُفترض.
قضية اليوم تؤكد أن الدفاع القانوني الواعي، المبني على فهم دقيق لأركان الجريمة، قادر – بإذن الله – على كشف الحقيقة وتحقيق العدالة، مهما بدت الاتهامات في ظاهرها خطيرة.
